الصرخة

كثيرآ ما كنت اري في بعض الأفلام والمسلسلات احداث تدور وتتنوع ان لامس بعضها جزء مشابه من مسيرة حياتي استجبت معه بمشاعري وتألمت وربما حزنت, وما لم اكن اعرف له معني هو كيف لعجوز تري معي نفس القصة وتبكي, ربما شابه أيضا, فاساعر لاخبرها انه مجرد فيلم انها مجرد رواية كتبها شخص ما والفها واخر اخرجها ليمثلها ممثل بارع في ان يصور لنا الحدث الذي هو أصلا لم يحدث.

لم افهم حينها ان ما يستجيب مع تلك المشاهد هو المشاعر, نعم المشاعر, التي لها المقدرة العجيبة على تحريك الصامت واهتزاز الساكن وحرق الدافيء وكسر الزجاجي وتمزيق أوراق الهاديء.

انها عبارات تشبه ريشة العازف على العود, كلما اتقن عزفه كلما اهتزت له الاوتار حزنا وتعبيرا وجمالا وابداعا, ولكنها ريشة ممثل اطاع مخرج اطاع مؤلف وفق تمويل المنتج.

نحن نعيش تلك الوجبات على فترات ربما اليوم نؤلفها ونكتب تفاصيل مختلفه عما كتبه الاخرون, ولكنها تبقي مجرد قصة في يد عازف, يتجول بين الاوتار سنوات العمر ويعزف ويعزف ويعزف, ربما ابكي البعض وربما افرح قلوبهم ولكنه يظل عازف.

عندما نضجت بعض جوارح مشاعري, تحولت من مؤلف الى عازف, تتذكر وتتنهد وتبكي وتتساقط دموعها على الاوتار التي ضاعت ومرت وتلاشت تاركة اطلال المشاعر حية لا تموت, تملء الوعاء بملء فيه وتسقيه حتي التضرع وهو لا يعرف ما معني الشبع ومتي يجب ان يتوقف, انه يقبل ويتقبل المزيد والمزيد, حتي انه بات لا يعرف ملامح هذا الاناء متي يملء ومتي يفرغ, وتزاحمت المشاعر بالداخل تزاحمت حتي الثماله, تزاحمت ومخزونها بركان عميق لا تعرف ابعاده فضلا عن بعد اعماقة.


سكرات الموت لا يعرف مذاقها الا من رحلوا او نوادر من عرفوا مذاق التجربة وشاء الله ان يعودوا لكنهم مع عودتهم صمت ملجم تعصي شفتاهم أوامر عقولهم لتتحرك وتروي, وسكرات البركان سكرات الفيضان سكرات الموت البطيء, سكرات الحزن
نعم سكرات الحزن .. تحتاج لتصرخ
الصرخة التي كنت ابحث عن مخرج لها لا تكفيها سيارة مغلقة تماما ولا يسمعك بالخارج احد, الصرخة لا تكفيها وسادة تضع وجهك فيها وتصرخ ولا يسمعها غيرك.

الصرخة تحتاج لتصرخ
تحتاج ان يسمعها كل الكون, فلقد يأست من الكتمان ومن اشد الظلم انه عندما نريد  تحريرها نكتمها خوفا على خوف
الكتمان خوف الصرخة تحرير خوف الخوف يحتاج للصرخة الصرخة التي لا تحترم احد ولا تراعي مشاعر احد الصرخة التي تهمل كل المخلوقات من حولها ولا يعنيها ان كانت تستتر بثوب الحشمة او تلبس في قدميها حذاء الرحمة حتي وان قالوا عنها كذبة تحتاج لتصرخ.


فكانت الصحراء, تلك الأجواء والروح الحلوه, هوائها عذب رطب طازج لم تلوثه مشاعر البشر, فخرجت اليها مسرعا متشوقا لتلك اللحظة لحظة ميلاد الصرخة, فما بين تحريرها وميلادها انا الذي سيولد من جديد بعد ان احررها من صدري وبكامل رغبتها وباعلي درجات الصوت, سوف تموت اللحظة, سوف تخرج صرخة.




#أشرف_ك_خليفة #أزمة_وعي #يقظة_واعي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اترك بصمة .. اترك اثرآ

إعرف نسختك

البصيرة فى سطور